أرقام قبل الكلام وحقائق قبل الوقائع
أولاً يجب أن تعرف أن أغلب المهاجرين ليسوا سوريين، وأغلب السوريين ليسوا هاربين من الحرب. هاك بعض الأرقام
وفقاً للإحصائيات الرسمية في أوربا للطالبين للجوء فعددهم وصل تقريباً قرابة النصف مليون
السوريون 49,980
أفغانستان 26,215
كوسوفو 20,225
أرتيريا 14,485
باكستان 20,850
العراق 10,740
روسيا 41,470
الصومال 16,510
ألبانيا 11,065
بدون جنسية 9,670
ثم من 5,000 إلى 10,000 موزعين على دول مختلفة أفريقية وآسيوية منها تركيا 5,635
العدد الكامل هو 431,090
المصدر1
نفس المصادر تشير إلا أن الغالبية شباب وذكور
نسبة السوريين %12 والإعلام مضلل، لا مصداقية له، تقريباً كل ما تراه في الإعلام مثل كل ما تسمعه عن الإسلام من المتدينين ليس له مصداقية حقيقية
ويجب أن تعرف أن المهاجرين السوريين وغيرهم كذلك ليسوا فارين من الحرب مباشرة، فهم قادمون من تركيا بالدرجة الأولى وبعضهم نزح من لبنان والأردن وبعض دول الخليج. عندنا موظف في مركز الراشد - الكويت - لما سمع بهذه الهجرة استأذن وسافر وهو في ألمانيا الآن مع اللجوء السياسي
أعلى طلب لجوء في العالم بشكل عام هو ألمانيا قرابة 110,000 سنوياً، وأمريكا قرابة 90,000 سنوياً، ثم فرنسا، السويد، تركيا، بريطانيا، إيطاليا، استراليا، سويسرا ثم هنغاريا
المصدر2
حالياً ألمانيا ستحتضن غالب المهاجرين السوريين والأفغان والعراقيين والباكستانيين، مع العلم أن باكستان هي أعلى دولة تطلب لجوء في العالم، قرابة مليون ونصف المليون لاجئ في دول متعددة
معظم الدول الأوربية، وهذا نبه الإدارة الأمريكية لولا اعتراض أوباما الأولي، لأنه أدرك أنها حملة استعباد جديدة، لكنه اضطر للموافقة بعدها مع بعض التعديلات، أقول دعا الأوربيون والأمريكان إلى أخذ قرار بالاستفادة من العمالة الرخيصة القادمة لدفع الانتاج، فالتوظيف في هذه الدول هو أكبر عائق للإنتاج كونه مرهق للتاجر والشركات، فالآن يمكن توظيف هؤلاء العمالة وبكميات كبيرة وأسعار رخيصة جدا جدا مقابل الحلم الذي يعيشونه في عقولهم فقط، وهو تحسين وضع المعيشة، كما يحصل في الخليج للعمالة الأسيوية، فهذه العمالة المهاجرة هي مثل العمالة الأسيوية في الخليج
ما هو مستقبل المهاجرين لأوربا؟
بالنسبة لأوربا فالأمر واضح، والاستفادة ممكنة، لكن بالنسبة للمهاجرين لن يتغير كثيراً عن واقعهم في تركيا أو أفغانستان أو باكستان! بل بدأت بعض المؤشرات تأتي من الآن، فهؤلاء في الغالب متذمرون، وتعودوا على ذلك، ولم يتعلموا النظام، وليست لديهم قيم حياتية عالية، ولا وعي مرتفع، طبعاً هذا ليس عتباً ولكن واقعاً، ولربما أقول في الغالب وإن كان قد يكون بينهم مختلفون. لذلك في الغالب ستسمع كثيراً كلمة: "لم نرى رحمة عند الأوربيين"، "والله الأمر لا يختلف كثيراً عن بقية البلدان وأصل بلدنا"، "والله، الواحد يموت في بلده كريم ولا هيك مذلة"،.. الخ. لأن الامتنان في الغالب قيمة داخلية يندر أن تجدها في البشر. ومهما عملت أوربا كما عملت دول الخليج، التي احتضنت 2 مليون سوري، الأكثر على مستوى العالم، ودعمت بأكثر من ميزانية دول، ومساعدات بلغت 5 مليار دولار حتى الآن، وشاركت حتى في عمليات الدفاع والهجوم، والتي استنكرها شخصياً، ومع ذلك فلا يكاد الخليج يذكر بكلمة أو تقرير
والسود هاجروا معظمهم قسراً لأمريكا وأوربا من قرون ومع ذلك لا يزال الأسود يشعر بأنه درجة ثانية في هذه البلدان حتى بعد أن وصل أحدهم لسدة الحكم في أعظم دولة في العالم اليوم
وأنا طالب صغير مراهق وكنت وقتها طالباً في مقاطعة كينت في بريطانيا كنت أزور لندن وأذهب لبيكاديلي وايجاور روود حيث كان هناك سينما عربية ومطاعم وكان الشارع في الغالب فيه بعض اللبنانيين وقليل من العرب، لكن ايجوار روود اليوم يتحدث اللهجة العراقية من أوله حتى نهايته، وأناس يتسكعون فيه لا عمل ولا علم، غالبهم في شجارات وصراعات مختلفة، ومساجد بريطانيا اليوم تضج بالخلافات السلفية والإخوانية والتبليغية والحزبية والشيعية وغيرها، لا فائدة منها لأي مجتمع محيط بهم
واستغرب، وقد زرت لندن الشهر الماضي، وأنا لا أسكن لندن إلا نادراً، من هذه الجموع المتسكعة حول بعض دون علم ولا عمل ولا فائدة سوى راتب من الحكومة البريطانية وسكن متواضع
فغالبية المهاجرين السوريين والافغان والعراقيين والإيرانيين سيكونون في أحد خيارين: التسكع وبالتالي مشاكل وصراعات وجرائم وسرقات أكثر، أو العمل في المصانع والإنتاج والوظائف المتدنية
ماذا أعمل شخصياً لو كنت سورياً أو أفغانياً أو باكستانياً أو يمنياً أو إيرانياً الخ؟
أولاً يجب العلم أن كونك سوري أو عراقي الأمر مختلف قليلاً عن البقية. البقية عليهم احترام خيارات البشر والعمل على تحسين بلدانهم بما يستطيعوا فهؤلاء تخلوا عن بلدانهم وتركوها لطلب العيش عند أناس تعبوا في بناء بلدانهم أجيالاً وهم كانوا قد تحملوا ولم يهاجروا وقتها، فأوربا لم تغزو البلدان الإسلامية بالهجرة لما كانت البلدان الإسلامية تنعم بالخيرات وكانت بلدانهم تعيش تحت جحيم الحروب، لكن منهج المسلمين والعرب اليوم هو منهج خداع كاذب أسسه هذا الفكر الديني المتصنع والعبث السياسي المخادع والجاهلية القبلية المنتفخة، والطائفية المقيتة الكئيبة، وقناعات ليس لها نتيجة غير ما تراه اليوم، وهم لا يزالون يسقطون مشاكلهم على المؤامرات الأمريكية والإيرانية والإمبريالية وهلم جرا. فهي دائرة نكدة من الخداع الداخلي والإسقاط الخارجي، أي لا أمل في التحسن! ومن هنا يأتي دور الوعي والتوعية الصادقة حتى نعالج الموضوع من جذوره
وللإجابة على السؤال، وهو صعب؛ فكل شخص له أن يقدر مدى تحمله وقدرته، ومدى المخاطر الجسدية والنفسية وغيرها، لكن الجواب بشكل عام: ابقى في بلدي ولا أشارك في حمل السلاح بتاتاً، وأعمل على تحسين وبناء المستقبل، واستعد للقادم الأفضل، فإن لم أستطع أهاجر لأقرب بلد لبلدي، وأكون نموذجاً لخير لاجئ للبلد المضيف، وأحسن الامتنان لهم، وأعمل مع أهل بلدي لتحسين صورتنا والعمل الجاد لتحسين مستوى المعيشة في مكان لجوئي، فإن لم أستطع أهاجر للبلد البعيد لكن اتجنب التواجد مع جموع المهاجرين، واذهب لمدن بعيدة، واعمل بجد لتحسين وضعي، وتلقي العلم، واتفرغ لتحسين مستوى وعيي وعلمي وعملي، وأكون في غاية الامتنان حتى لو عاقت علي أمور لتلك البلد المضيف، ولا أعمل ما يعمله غيري من أهل بلدي في البلد المضيف أو بلدان الخليج أو البلدان التي تحملت الأكثر من المعاناة كتركيا والأردن ولبنان، وأضرب مثالاً صحيحاً للشخص المهاجر لتحسين وضعه
ما العمل الآن؟
في الغزو فر كثير من الكويتيين إلى الأراضي المجاورة بالذات السعودية والإمارات والبحرين، وكنت وقتها شاب صغير أقف أمام الجموع وأخطب فيهم واحرضهم على عدم الخروج، والتوكل على الله، وأن البلد يجب أن يبقى فيها بالذات الذكور والشباب لتبقى حية ويافعة ومستعدة، وقد كان مئات من الشباب يستجيبون ويغيرون رأيهم، وكانت لدي الفرصة تلو الفرصة للخروج أحيانا من قبل خروج مضمون من سلطات قوية لكن رفضت، كوني شاب، ومقتدر، لذا يجب على المتحدثين والمفكرين أن يحرضوا السوريين والأفعان والصوماليين وغيرهم إلى أن ما يفعلوه جماعياً قد يكون نفس الخطأ الذي وقع فيه الفلسطينيون فزاد الاستيطان وصار أمراً واقعاً، وهو ربما يمهد لاستيطان جديد قد يكون لفئات متطرفة تقيم دولتها كما حصل في فلسطين فجاءت فئات متطرفة وأقامت دولتها
ويجب بالذات تصبير القاطنين في البلدان المجاورة بالذات تركيا والأردن ولبنان، وتقديم المساعدات لهم ليبقوا صامدين وعلى أهبة الاستعداد للعودة.
وليدرك المتدينون ورجال الدين ماذا فعلوا الآن لما كنا نعترض عليهم من 4 سنوات ونقول لهم أنا ما يفعلونه خطر، بل وقع فيه علماء، والفتنة إذا أقبلت علمها العالم وإذا أدبرت علمها العالم والجاهل، فكل من لم يدرك ما يحصل الآن وقتها فهو في عداد الجاهلين ولا يصلح ليكون في محل الصدارة للأمة في التحليل أو الفتوى أو الوعظ الخ. ولا ضير من الاعتذار والتوضيح لنتعلم الدرس فلا نقع في الخطأ مرة أخرى، والخطأ وارد، وهذه الأمة بهذا الكم من الجهل، معرضة، لذا فالحذر واجب والتعلم ضروري. ويجب الاعتبار من هذه الأزمة التي سلم الله الكويت والبحرين وبلدان أخرى منها، فالمعارضات الشيعية المتطرفة في البحرين والدينية القبلية في الكويت كادت أن تودي بأمن أكثر البلدان العربية أمناً وتُدخلها في ساحة صراع، فالإصلاح يجب أن يقنن ويجب أن تتواجد محاكم عادلة ومنصفة ومحايدة تحفظ الحقوق؛ فالأمن مطلوب وهو رقم واحد في القيم المجتمعية، ولكن الحريات وصد الظلم وإصلاح الفساد الإداري والسياسي بالذات مطلوب وهو الكف الثاني للميزان، وهذا تضبطة سلطة محايدة ومستقلة. ويجب الحذر من التطرف الديني الذي حصف بالبلدان العربية من المغرب إلى اليمن وجعل الناس طوائف وأحزاباً، وكره الناس في الدين، فصارت الناس ومن عقر دار المسلمين تخرج من الدين أو تستنكره، ولو كان عند رجال الدين ذرة من وعي لانتبهوا لهذا وأوقفوا هذا السفه المشين للدين ولأعمدة الدين ولما قام به السابقون، حتى لا تكاد تجد اليوم عاقل يحمل راية دينية! ويجب على الدول التعلم من سياسة الكويت التي لا تعطي الغلبة لأي تيار ولا ترفعه دون توازن، فالليبراليون في الكويت لهم وزن، والإخوان لهم وزن، والسلفيون لهم وزن، والقبليون لهم وزن، والشعية لهم وزن، لكن كلهم مجتمعون لا يساوون وزن المحكمة ولا وزن الحكومة، وفي الكويت الحكومة والمحكمة أقوى من كل المعارضة مجتمعة بعشرة أضعاف؛ فالمعارضة لا تملك قوى حقيقية سوى تغريدات في تويتر وتخريب، حتى عندما وقفت لها الحكومة بكم مغرد وظفتهم ضاعت المعارضة وانفضحت، والعبرة بطرق الإصلاح؛ فالكويت والبحرين كبقية البلدان العربية وغير العربية فيها فساد إداري وسياسي ومالي وهو أمر ملازم لكل الدول لم تخلو منه حتى الخلافة الراشدة ولا الدولة الأموية على كل مستوياتها ولا العباسية ولا غيرهم، فالإصلاح واجب لكن التطرف والقبلية والطائفية وجر الناس للفتن والمسيرات الجماهيرية والاعتراضات العلنية والشتائم والسباب والحروب المبطنة هي أسوأ كما نرى نتيجته اليوم في اليمن وسوريا والعراق وليبيا وغيرها. فالاتعاض بهذه المشكلة التي حدثت لسوريا هي الرسالة التي يجب أن يفيق لها العرب، ولعلها تكون هي اليوريكا التي تفتح العقول المغلقة فتزهر الورود في كل بلد، ويصبح الإصلاح هو تركيز على ما نريد لا محاربة ما لا نريد
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق