يحشر المرء مع من يحب

نظرة في حديث "يحشر المرء مع من يحب" محبة البشر د/صلاح الراشد واحدة من ضمن أهدافي العامة في الحياة هي عمل ما يسمى Paradigm S... thumbnail 1 summary
نظرة في حديث "يحشر المرء مع من يحب" محبة البشر
د/صلاح الراشد
واحدة من ضمن أهدافي العامة في الحياة هي عمل ما يسمى Paradigm Shift، ومعناه عمل تغيير في المفاهيم في الغالب المضرة إلى مفاهيم مفيدة؛ لأن هناك مسائل في غاية الخطورة في المفاهيم سوف أتطرق لها في المقالات هنا والاصدارات القادمة بإذن الله، وأنا أقوم بذلك منذ فترة. ومن تلك المفاهيم أن الفكرة خلاقة الواقع، وقد سجلت أكثر من مائة حلقة تلفزيونية في القوانين وهي تعزز هذا المعنى وتنسف مئات الأفكار التي تضر بالبشرية، وتجدها في قناة SmartsWay على اليوتوب
أنا آستهدف الموضوعات الأكثر فائدة آو ضرراً على محبي. أنا أحب الناس لذا عطائي لهم من صدق ما أتوصل إليه وأؤمن به. أنا لا آنقل للناس أموراً لا آقوم بها أو لا أؤمن بها. دعني آناقش هنا فكرة من هذه الأفكار، فقط تذكر أن تغيير فكرة واحدة في حياتك يغير مجرى كبير في حياتك!

هل لاحظتم أنني كلما ذكرت حبي لشعب أو شخص أو أمة (من غير المسلمين) يعترض البعض؟ طبعاً، هم لا شك ليسوا أناساً سيئيين بالضرورة، ومعادون للبشرية والإنسانية، هم فقط أناس غشهم البعض وبرمجوهم على الكراهية لا لشيء فقط للحفاظ على هويتهم، التي هي أصلا في الغالب، غير معروفة ومبهمة ومشوشة. ومن أجل المحافظة على التميز، الذي هو سبب كل فشل في الدنيا. إن أولئك الذين يدعمون التميز عنصريون. لاشك أن كلاً منا متميز ومنفرد لكننا في العمق والحقيقة واحد، لا فضل لأحد على أحد ألبتة. وما قد يفضله عمله وعطاؤه، أو بالمصطلح الديني تقواه. من أكثر من يدعو للكراهية الزاعمون للتدين، سواء المسلمين منهم والمسيحيين واليهود والبوذيين أو غيرهم. المشكلة أن الصورة الذهنية لرب هؤلاء فعلاً غير الصورة الذهنية التي هي الحقيقة. لا يمكن أن تكون هذه الحقيقة عن الرب. لا يمكن أن يكون الرب بهذه القسوة، والعنصرية، والكراهية. كلما قرأت كتابات الكاتب السعودي عبدالله القصيمي في كراهيته للنبي صلى الله عليه وسلم ولغته الاستهزائية لله سبحانه وتعالى وغضبه الشديد على الدين، تذكرت المكان الذي نشأ فيه، وكيف نشأ متديناً متشدداً ومناصراً للدين، بل لا زالت السعودية لليوم تطبع كتابه في الرد على العلمانيين! وذلك من قوته. قلت مراراً أن الفترة القادمة قد تشهد إلحاداً وردة بسبب الكبت سنوات. لهذا السبب فإني أعتقد أن الملك عبدالله مدرك لهذه الجزئية وهو يتعامل معها بالانفتاح أكثر خشية الردة العكسية.
عودة للموضوع، نشر الكراهية له نية إيجابية في العمق وهي، بجهل طبعاً، لوحدة الصف والتميز وغير ذلك. ومرة أخرى أهل المنهج الواحد يحتجون بالله، ويتكلمون نيابة عنه، فهم يعلمون ما لا يعلمه حتى الله. مثل من رد علي فقال: كيف تحب أوباما والله يكرهه؟!! فهذا يعلم ما في نفسه وما فوق عرشه. هناك من هم صادقون لا يأخذون الأحكام لكنهم تبرمجو (غشوهم) على الكراهية بالذات عندما يستدلون لهم باستدلالات في الغالب لا يكلف أحد نفسه بالنظر فيها بعمق، يتلقونها عمياناً. من ذلك أنهم يستدلون بحديث "يحشر المرء مع من يحب".

دعنا أولاً ننظر في الحديث. الحديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم رواه جماعة من المحدثين منهم البخاري ومسلم في صحيحهما والترمذي وأبو داود في سننهما وأحمد في مسنده وآخرون. وجاء عن مجموعة من الصحابة منهم علي وأنس وعبدالله بن مسعود رضي الله عنهم، بهذا يرتقي للحديث المشهور؛ فعلماء الحديث يصنفون الأحاديث إلى آحاد ومشهور ومتواتر؛ فحديث الآحاد يرويه صحابي أو تابعي أو في أحد طرقه راو واحد، والحديث المتواتر يرويه مجاميع كبيرة يستحيل فيهم الكذب أو الخطأ، والمشهور بين هذا وذاك. فهذا الحديث صحيح ومشهور وهذا يعطينا الطمأنينة لأن ما تناقلته الناس في الكراهية والتحريم والتقليل والعنصرية إما ضعيف أو مفسر بطريقة مشينة، وأنا تلقائياً عندما أجد ما ينسب لله أو نبيه بهذه الطريقة أو مخالف للفطرة الإنسانية أو المنهج الحبي والسلمي والتنويري أعلم يقيناً إما إنه خاطىء أو ملوي في النفسير، وقد حصل معي ذلك عشرات المرات عند التحقيق.

عودة للحديث: عن عبد الله بن الصامت قال قال أبو ذر قلت يا رسول الله الرجل يحب القوم ولا يستطيع أن يعمل كعملهم قال أنت يا أبا ذر مع من أحببت قلت فإني أحب الله ورسوله قال فأنت يا أبا ذر مع من أحببت قال هاشم (الراوي) قالها له ثلاث مرات أنت مع من أحببت. لفظ رواية أحمد. وعن أنس أنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله متى قيام الساعة فقام النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة فلما قضى صلاته قال أين السائل عن قيام الساعة فقال الرجل أنا يا رسول الله قال ما أعددت لها قال يا رسول الله ما أعددت لها كبير صلاة ولا صوم إلا أني أحب الله ورسوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم المرء مع من أحب وأنت مع من أحببت فما رأيت فرح المسلمون بعد الإسلام فرحهم بهذا. لفظ الترمذي والحديث عند البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم. وعن ربيعة بن ناجذ قال قال علي كونوا في الناس كالنحلة في الطير إنه ليس من الطير شيء إلا وهو يستضعفها ولو يعلم الطير ما في أجوافها من البركة لم يفعلوا ذلك بها خالطوا الناس بألسنتكم وأجسادكم وزايلوهم بأعمالكم وقلوبكم فإن للمرء ما اكتسب وهو يوم القيامة مع من أحب. رواه الدارمي.
هذا الحديث يستخدمه المحبون للدلالة على عظمة كرم الله سبحانه وعطائه ويستخدمه الجهلة على دليل كراهة الناس – يسمونهم غير المسلمين. أنا لم أرى فيه معنى لا تحب من هو ليس مؤمن أو مسلم أو طيب. دعني أوجه كم سؤال لمن يؤمن بهذه المنهجية: إذا أنا أحبيت الرسول صلى الله عليه وسلم وأحبيت صدام - والعياذ بالله - إذا مع من أحشر؟ الصحابي الذي كان يحب النبي صلى الله عليه وسلم ومتزوج من يهودية يحبها مع من يحشر؟ ما مصير اليهودية التي تحبه وربما تحب النبي صلى الله عليه وسلم؟! هل سيدخل هذه النار؟ اذا أنا أحببت أوباما وأحببت الأنبياء والرسل فمع من أحشر؟ (هذا لا يعني لا اعتقد أن آوباما لن يحشر مع الأنبياء، فما يدريني؟)، اذا شخص أحب مسلمين عصاة وجاحدين وظلمة وهو شخص محب ولطيف وتقي فهل سيحشر معهم؟ وخمسين سؤال آخر ينم عن غباء من أعتقد بهذا الاعتقاد الفاسد.
هذا الحديث من الأحاديث المبشرة والعظيمة لكنهم لا يستخدمونه إلا في التخويف ولي المعنى لنشر الكراهية، للأسف.

وإذا لم يقنعك الكلام فأشير إلي معنى لا أعتقد أن أحداً في التاريخ أشار إليه ووفقنا الله للإشارة إليه، وهو قوله تعالى: (إنك لا تهدي من أحببت) فلم ينتبهوا إلى أن الله يقر حب الرسول لعمه. أي إنك لا تهدي من تحبه فهذا ليس خيارك. مع أنك تحبه، وهذا لا حرج فيه، في كونك تحب من يعبد الأصنام ولا يتبع دينك السماوي. وفي قوله تعالى: (ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيمآً وأسيراً)، والأسير كافر!! وأعطيك صدمة أخرى في قوله تعالى: (هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)، فالله هنا يخبر أن هؤلاء المؤمنين الطيبين يحبون هؤلاء الكفار الذين أصلاً لا يحبونهم!! والذين أصلاً لا يؤمنون بالكتاب الخاص فيهم كله، بل يؤمنون بما يريدون وهم يحتجون به، ومع ذلك فأنتم تحبون الناس حتى المخطئين منهم وحتى الذين أصلاً لا يحبونكم!! قارن هذا الاعتقاد عند المؤمنين الأوائل وبين اعتقاد من يقول لك لا تحبه حتى لو أحبك!! ثم يقولون أنهم يريدون أن يدعو الناس للإسلام الذي يبغض الناس غير المسلمين ولا يحبهم ويدعو لعدم حبهم بحجة الخوف من أن تحشر معهم لأنهم هم في النار!
من هذا تدرك أن هذا الدين مختلف عن أصل الدين الذي دعى له محمد صلى الله عليه وسلم. دينهم هذا يدعو للعنصرية، وأن المسلمين شعب الله المختار، كما اليهودية، كما الصليبية، وأن منهجهم الصحيح والكل في النار وفي الضلال وهل بعد الحق إلا الضلال.
لا يغشونك! تمسك بمنهجية المحبة والسلام ونور قلبك بالإيمان والمحبة وأحب الناس حتى المخطئين وحتى الذين لا يحبونك، افعل ما فعله الأبرار ولا تفعل ما تدعو له المنهجية المتعصبة. .

على طاري العنصرية:
ما وجه التقارب بين منظمة KKK وبين حذاء Nike؟
كلاهما يجعلان من الرجل الأسود يركض بسرعة!!

الحب من المؤمن كالتنفس، يعمله سجية وتلقائية لا تكلف فيه، لا يحصره للمتقين والمسلمين أو المسيحيين أياً كان دينه، بل يعممه ويخبر عنه ولا يكتمه. المؤمن محب. خذها قاعدة: أي منهج يدعو إلى الكراهية فهو باطل وفاسد ومضر.
نحن اليوم لدينا كراهية فائضة نحتاج نرمي بعضها أو كلها.

أمريكي ومكسيكي وبريطاني على طائرة خاصة على وشك السقوط بسبب الحمولة. طلب الطيار منهم رمي بعض الحمولة. البريطاني قال عندنا شاي كثير في بلدنا، ورمي الشاي، المكسيكي قال عندنا بريتو وناتشو كثير في بلدنا، ورمي المأكولات، الأمريكي حتى لا يكون مختلفاً عن الآخرين رمى المكسيكي!

الآن كلما حدثك شخص عن حرمة محبة غير المسلمين أو ذكر ذلك في صفحتنا، رجاء، حوله لهذه المقالة
:)

تقبلوا محبتي .. أولئك الذين يحبوني وأولئك الذين لا يحبونيي .. أولئك الذين يوافقوني وأولئك الذين لا يوافقونني ..

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

SEARCH 4 BEST PRICE